إيلي كوهين وحافظ الأسد- خفايا العلاقة الغامضة وتأثيرها على سورية.

المؤلف: حسين شبكشي10.28.2025
إيلي كوهين وحافظ الأسد- خفايا العلاقة الغامضة وتأثيرها على سورية.

مع سقوط نظام الأسد الدامي في سوريا، والذي بات وشيكًا، ستُفتح العديد من الملفات الخفية، وستُنفق جهود مضنية للإجابة على تساؤلات ملغزة، كانت محرمة في ظل حكمه القمعي. من بين هذه الملفات، تبرز العلاقة المشبوهة بين الجاسوس الإسرائيلي الشهير إيلي كوهين، المعروف بـ"كامل أمين ثابت"، وحافظ الأسد، والتي تلفها الكثير من الغموض. تربط هذين الشخصين أحداث وشخصيات هامة، وقد آلت الأمور إلى نتائج محورية تدعو إلى ربط النقاط لتكوين صورة متكاملة للأحداث.

نجح إيلي كوهين في بناء علاقات وطيدة مع قادة الجيش السوري البارزين، بما في ذلك رئيس الأركان، وذلك عن طريق ابنه. كان حريصًا على التقرب إليهم وإقامة علاقات اجتماعية مستمرة، مما أدى إلى تكوين ثقة قوية بينه وبين بعض القيادات العليا في الجيش السوري. هذه الثقة مكنته من زيارة هضبة الجولان معهم عدة مرات، حيث قام بنقل تفاصيل دقيقة حول التجهيزات البشرية والعتاد العسكري السوري إلى جهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد)، الذي اعتبر هذه المعلومات كنزًا لا يقدر بثمن. في ذلك الوقت، كان حافظ الأسد يشغل منصبًا قياديًا في الجيش السوري، ولم يظهر علنًا مع إيلي كوهين في أي لقاء.

تجدر الإشارة إلى أن إيلي كوهين كان عضوًا فاعلاً ونافذًا في حزب البعث، الذي كان حافظ الأسد عضوًا فيه أيضًا. تم اقتراح اسمه لمنصب نائب وزير الدفاع، إلا أن كل هذه الآمال تبددت عندما ألقي القبض عليه متلبسًا بالجرم المشهود، وهو يرسل برقية مشفرة من شقته إلى إسرائيل. حوكم كوهين وأعدم في 18 مايو 1965.

كان العقيد أحمد سويداني، رئيس المكتب الثاني السوري، هو المسؤول المباشر عن اعتقال إيلي كوهين. وقد تم فصل سويداني من منصبه عام 1968 بعد الخلاف الذي نشأ بين حافظ الأسد وصلاح جديد، ثم اعتقل في المطار عام 1969 بأمر من حافظ الأسد، وسجن في سجن المزة لمدة 25 عامًا بتهمة التخطيط لانقلاب عسكري. لم يتم الإفراج عنه إلا قبل وفاته بوقت قصير في عام 1994.

بعد ذلك، أصبح حافظ الأسد وزيرًا للدفاع في سوريا، ووقعت كارثة نكسة 67، التي فقدت فيها سوريا هضبة الجولان. ذكر خليل مصطفى، الضابط السابق في الجيش السوري ومؤلف كتاب "سقوط الجولان"، أنه كان من المستحيل على القوات الإسرائيلية اختراق الأراضي السورية بسبب الكثافة العسكرية في المنطقة والتحصينات الجغرافية الوعرة لتلك المنطقة الجبلية، لكن هذا ما حدث بالفعل.

قبل وصول القوات الإسرائيلية بخمس ساعات، تم الإعلان عن انسحاب القوات السورية من الجولان في البيان رقم 66، مما أثار تساؤلات حول إصرار حافظ الأسد على بث البيان على الفور. من بين التصريحات الهامة التي وردت في هذا السياق، ما قاله الدكتور سامي الجندي، سفير سوريا في باريس، في كتابه "كسرة خبز": "إن إعلان سقوط القنيطرة قبل أن يحصل أمر يحار فيه كل تعليل نبنيه على حسن نية".

عقب الهزيمة المذلة في النكسة، قام حافظ الأسد بترقية نفسه إلى أعلى الرتب العسكرية.

وفي حرب عام 1973، وصلت قوات الفرقة السابعة بالجيش السوري، بقيادة اللواء عمر الأبرش، إلى بحيرة طبرية وسيطرت على أجزاء من الجولان، لكنها تلقت أوامر صارمة من حافظ الأسد بالانسحاب الفوري والعودة إلى المواقع الأولية بحجة عدم وجود غطاء جوي. إن العلاقة المعقدة بين إيلي كوهين وحافظ الأسد تحمل في طياتها مفاتيح لفهم العديد من الأحداث الكبرى التي شهدتها سوريا.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة